الاثنين، مارس 19، 2012

مسافر سكران على متن طائرة (مذكرات مراقب)..



الحادي عشر من آذار مارس ٢٠١٢

في نوبة هادئة..
وليــلة شبه باردة..

كان القمرُ بدراً..
والسماء مرصعةً بغيومٍ
 أشبه بقماش ذهبي تزين أطرافها..

توفرت في هذه الليلة كل مقومات
نوبات السلام..

تقلع الطائرات بسلام وتهبط بسلام..
وتحيّي معها الكابتن بسلام و تودعه بسلام..

بدأت كذلك;
الحركة الجوية أقل من المتوسطة..
الرؤيا جيدة..
وسرعة الرياح شمالية نشطة..
المدرج المستخدم ٣٥..

 سرب الرحلات المغادرة يحلّقُ بإتجاه المشرق..
والقادمون يأتون شمالاً من بلاد الترك..
انقضت الساعة الأولى ولا شئ منها يستحق الذكر..
سوى تركي يبدأني التحية بـ:
أيها الردار "مع السلامة" هذه الرحلة التركية ٩٩
القادمة من الشمال….. إلى آخ
ضحكت قليلاً بيني وبين نفسي..
صححت له ما يجدر عليه قوله عند التحية..
 هبطت بسلام.. و أستودعته بسلام..


مرت الساعة الثانية..
الثالثة..
و على رأسها..
إتصال من أحد القطاعات..

مدينة رادار.. سلام 
هنالك رحلة متجهة من بلاد الفراعنه إلى الساحل الشرقي..
تعلن حالة الطوارئ..
والإذن بالهبوط العاجل..
لديه راكب بحاله حرجه جداً
"أظاهر أنوا معطيها"..

-->إجابتي له: أرسله ولا تبالي
مررنا مايلزم إلى المشرف المناوب..

وبعدها
مرت الدقيقة الأولى..
 الثانية.. الثالثة..

والأعصاب عالآخر بانتظر اتصال من الرحلة ٦٨١ 
على موجة طيبة الطيبة..

لحظات ويتصل.. قائد الطائرة..
عزيزي الرادار.. هذه الرحلة ٦٨١..
نعلن حالة الطوارئ..

و نطلب سرعة التوجه نحو أقرب مدرج ممكن للهبوط
لإنقاذ حياة راكب بحالة خطرة وحرجة جداً يافندم..

--> عُلِم ماتقوله.. توجه من موقعك إلى النقطة الملاحية الأولية
للمدرج ١٧ الجنوبي للهبوط..
--> لا قيود على سرعة الطائرة إلى ان تصل منطقة الإقتراب النهائية..
ترتيبك الأول للهبوط..

--> اسمحلي ياكابتن هل لّي أخذ تفاصيل حالة الطوارئ..

أجاب الكابتن: نحتاج إسعاف مجهز بطبيب..
للوقوف حالة على حالة راكب "شربان" كحوليات..
تعرض لحالة تشنج شديدة.. حدّة في إرتفاع الضغط..
و خفقان شديد بنبضات القلب.. وانقطاع في عملية التنفس..

--> كان الرد: يالله كل هذا يتعرض له هذا شخص..
 سأبلغ الزملاء بالبرج فوراً.. لتوفير كامل التجهيزات..
الطبية و سيارة الإسعاف..

البرج كان عالمود.. أبشر الآن نبلغ المسعفين لإنتظار الطائرة 
عند أقرب موقف..

هنا يكمن دور "حراس السماء" في الوقوف بعد الله لإنقاذ
حياة طيور السماء ومن رافقهم..

صنع قرار في جزء من الثانية.. تنسيق.. اتصالات..
تجهيز.. توفير.. توجيه إلى أقرب مدرج.. مهبط.. موقف

هنيئاً لكـ أيه الحارس،،
فمن أحياها كأنما أحيى الناس جميعاً

مرت ربع ساعة كلمحِ البصر 
وبعدها..

عزيزي الرادار..
الرحلة ٦٨١ جاهزة للإقتراب النهائي
 على بعد ١٦ ميل للهبوط.. 

--> اعلمته: الرحلة ٦٨١ هنا الرادار..
قم بالإتصال بالبرج على الموجه:...،١١٨
 تم تجهيز الطبيب والمسعفين وسيارة إسعاف بالموقف..
تمنياتي له بالسلامة والشفاء العاجل..
--> مع السلامة..
مع السلاااامة.. 

أخذت: كل عشر دقائق أتصل بالبرج..
لنقف على حالة 
المتشنج المسكين..
الذي حطّ رحاله بأرض طيبة الطيبة بهذا الحال..

ياسيدي يارسول الله معذرةً إذا دعتني القوافي ثم لم أجبِ
وما عجزت لأن الشعر أعجزني لكن لأنك فوق الشعر والأذبِ

البرج: مازالنا لا نعلم شئ عن الحاله
أهوا حيٌ يرزق أم ماذا !!.. 

أكرر الإتصال مرةً تلوا الأخرى 
إلى ان تردني مكالمة: تم إسعافه إلى أقرب مستشفى

بعد ساعة و نصف من الأحداث..
أسطول الفراعنة يحلق من جديد..
ليكمل رحلته إلى أقصى الساحل الشرقي ..

ويبشّر بإستقرار حالة الراكب..
و تتم متابعة الحالة عن طريق مكتب الشركة بالمشفى الآن..

--> أخذ ما يلزم من التوجيه إلى الممر الجوي المخصص للرحلة
الإرتفاع المطلوب ٣٥٠٠٠ قدم..
غادر بسلام من جديد..

وقبل أن أختم بسلام.. أقتبس ما قاله الشاعر العربي


"ياشارب الخمر لا تهنأ بشاربةٍ.. فالسم في الكأس كالماشي على مهل
ياشارب الخمر لن تسعد بعافيةٍ.. تبقى عليلاً ولن تنجُ من زللِ

ماذا كسبت بشرب الخمر في عبثً.. غير الضياع مع الأمراض والشلل
قد ضاع وقتك في سكرٍ بلا قيمٍ.. والسُكْرُ يجزي الفتى في الطينِ والوحلِ
نشواتُ خمرك بعد الشرب راحلةٌ.. والباقياتُ جنونٌ مضرب المثلِ

يا شارب الخمرِ قد ضيّعت آخرةً.. فيها الجِنانُ إلى الأخيارِ كالعسلِ
لو كان في الخمر خيراً أو علا بشرٌ.. ما حرم الرّبُ شرب الخمر في الرسل"


والختام سلااام..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق