الثلاثاء، فبراير 06، 2018

طائرتك نحو رحلة الأحلام



لكلٍ منا حلم و لكل حلم اجنحة.. و تلك الأجنحة لن ترى النور مالم نحلق بها.. 

والتحليق بحلمك لن يكون سهلاً.. 

يحتاج في البداية إلى خطة رحلة لتلك الأحلام بحيث تكون مكتوبة ومفصلة لتسلك مسارات جوية تمكنك من الوصول الى وجهة أحلامك و الأخذ بالحسبان وضع وجهة بديلة و التزود بوقود أمل إضافي و إحتياطي في حال تعذر الوصول إلى وجهة أحلامك لأي ظرفٍ كان.

طائرة الأحلام لتقلع تحتاج منا لقوة دفع أقوى من قوة الجر المعاكسة لها و لإرادة داخلية أقوى من أي مثبطات أو رياح عكسية ستواجهها خلال رحلتك نحو تحقيق حلمك.. 

لا تجعل ثلوج الشتاء القارسة تتراكم فوق اجنحتك لا يغرك بياضها فوجود الثلج على جناح طائرتك اكبر عائق عليها لتقلع بها ولا لأي جهة او وظيفة او ظروفاً تعيق طائرتك نحو رحلة الأحلام

إياك ثم إياك ان تستلم امام مخاوفك (الوهمية) 
التي ستتفنن في خلق الأعذار اثناء الرحلة لتغير و إلغاء هذه الرحلة اما بسبب مطبات هوائية عابرة ستواجهك و مخاوف بعد ان تعبرها ستجدها سراب بقيعة فلا تجعل للعوائق الجوية و الملاحية و القيعان الأرضية تقف حجر عثرة في مسار رحلتك نحو تحقيق حلمك..

حلق بحلمك و بأهدافك مستعيناً بالله عز و جل و موقناً به وتؤمن إيماناً تاماً بتحقيق هذا الحلم بعونه و مشيئته سبحانه. لا تنسى الأخذ بجميع إجراءات السلامة الجوية لهذا الحلم ..

الحلم مع وقف التنفيذ 
لن يمكنك من الإقلاع و الهبوط إلى وجهتك كما حلمت فالأحلام لا تموت بموت صاحبها بل بموت من يُؤْمِن بها..
فهي إما ان تتحقق او تتحول إلى كوابيس تطارد حالميها..

و تذكر بأن طائرتك نحو رحلة الأحلام بعد كل ما ستواجهه من مشقة .. ستهبط في وجهة أحلامك بسلام..

‏فاللهم بلغنا تمام الاشياء وبلوغ الأحلام و بلغنا رضاك واهدنا الى سواء الصراط

بقلم 
عبدالله بن سلمان
@Binsalman



الاثنين، أكتوبر 19، 2015



"نحن نفخر بكم"

هكذا عنّونت هيئة الطيران المدني السعودي حفاوتها تقديراً لموظفيها المراقبين الجويين

مثمنةً جهودهم و دورهم و تحملهم أعباء أكثر المهن تعرضاً للضغوط  في العالم

يوم المراقب الجوي العالمي | ٢٠ اكتوبر 

غداً سيكرّم المراقب الجوي في كل مكان حول العالم..

لتحمّله مشاق عمله المجهد ذهنيئاً..

و الأكثر خطورة تصنيفاً..

و الأقل أخطاءاً أمنياً..

غداً سيكرّم لسهره الدؤوب على مدار الساعة..

و لوقوفه على قدمٍ و ساق من أجل راحة وسلامة البشرية جمعاء..

كل عام و أنت بخير أيها الجندي المجهول..

كل عام وأنت بخير أيها الساهر في سبيل الله..

كل عامٍ ومهنتي المصونة من حسنٍ إلى أحسن..

كل عامٍ و بوركت جهودكم أيها الجنود الأوفياء لوطنكم و أمتكم..

كل عامٍ و أجوائنا أكثر أماناً بفضل الله و رحمته و جهودكم المباركة..

يا من تسهرُ والناسُ نيام.. و يامن تحرسُ بعينٍ باتت تحرس في سبيل الله..

شكراً لمن كان بعد فضل الله سباباً في وصول الولد إلى أمه
و الإبنةُ إلى أبيها.. و الزوج إلى زوجته.. و الحبيبُ إلى حبيبته.. و السلطان إلى رعيته..
و الطالبُ إلى منارته.. و الملبّي إلى كعبته.. و الزائر إلى حبيبه (صلى الله عليه وسلّم)

في هذه الأيام أنتم صمّام الأمان لسلامة و أرواح حُجّاج بيت الله الحرام المغادرين بعد قضائهم فريضة الحج فهنيئاً لكم 
هذا الشرف و المكانة  والأجر لراحة وفد الله..

أخيراً
أختم بشكر خاص لهيئة الطيران المدني ممثلة في إدارة التسويق والإتصال المؤسسي على هذه الحفاوة الغير مسبوقة للمراقب الجوي السعودي و الشكر موصول لكل عشاق و محبي الطيران على هذا التقدير

محبكم
المراقب الجوي
عبدالله بن سلمان

الأربعاء، أبريل 01، 2015

#شكرا_سعادة_المهندس_محمد_السالمي




ترجل الفارس - أبا يوسف - عن صهوة جواده .. ترجل بعد أن أفنى قرابة الأربعة عقود من عمره في خدمة وطنه و مهنته و أبناءه الموظفين فأبلى خير بلاء للإرتقاء وتوفير كافة السبل و الوسائل المساعدة على تقديم خدمات ملاحة جوية آمنه وفاعلة لمستخدمي المجال الجوي السعودي.

و ذلك برسمه خطط وتبنيه تطبيق كافة المعايير الدولية الخاصة بالسلامة الجوية من أنظمة و قوانين و شراكات إستراتيجية و بيئة عملية حضرت من خلالها أحدث الأجهزة التقنية من رادارات و نظم ملاحية و أجهزة إتصالات متقدمة و
 و دعمه لمبادرات منسوبيه و موظفيه ومشاريع الافراد و منحه فرص تدريبية داخليه و خارجية لمنسوبي القطاع في هندسة النظم و إدارة الحركة الجوية و صيانة الأجهزة الملاحية و إدارة المعلومات الملاحية و أنظمة السلامة والجودة و الخدمات المساندة.

 سيبقى - أبا يوسف - حاضرا بما ترك من منجزات في شتى المجالات للطيران المدني السعودي

 سيبقى - أبا يوسف - في وجدان منسوبي الملاحة الجوية بصفحته البيضاء و بوقوفه مع أبناءه الموظفين في مواقف إنسانية مشرفة من خلال دعمهم بكافة السبل و تشجيعهم و تبنيه للشباب و صنع منهم قيادات للمستقبل.

بنيتم (الملاحة الجوية) بإحترافية و وفق أنظمة ومعايير واضحة، وبكفاءات مدربة و مؤهلة على أعلى مستوى بحيث تستمر المنظمة على مبادئها و معاييرها من بعدكم و لنجاح من يخلفكم. تستمر عجلة الحياة بتعاقب الأجيال و نسأل المولى التوفيق لخلفكم الدكتور صالح الغامدي و نهنئه على ثقة القيادة العليا.

 شكرا - أبا يوسف - شكرا - بش مهندس - شكرا - معاليك - شكرا - سعادتك - من القلب ستبقى حاضرا في أذهاننا و عقولنا و سنظل محتفظين بمحبتكم و عرفان جميلكم، أسأل الله لكم التوفيق و السداد بحياة هنيئة و هادئة.


الأحد، يناير 05، 2014

ماذا حدث عندما تعطل مؤشر نزول عجلات إحدى الطائرات



 
لعل المواقف والأحداث الخارجة عن المألوف في واقع مهنة المراقبة الجوية لا حصر لها. تجدها تأخذ عدة أشكال يصعب التنبؤ لها. 

فالمراقب الجوي عندما يغادر منزله ويودّع أبنائه حاملاً معه سلاحه المتمثل في سمّاعته لينطلق في رحلة يشوبها الغموض، رحلة الذهاب إلى العمل. لا يعلم مالذي ينتظره في علم الغيب.

لست مبالغاً إن وصفت بأن الحريص منهم تجده يتحصّن بالأذكار ليسأل الله أن يعطيه خير هذه المسؤولية فأرواح الآلاف من البشر بعد عناية الله و حفظه ملقاة على عاتقه. 

لعل الجميل في الأحداث الغير اعتيادية في أروقة المراقبة الجوية بأنها تضيف للشخص مزيداً من الخبرات و تزيد ثقته بنفسه إذا ما مرّت الأمور بسلام.. 

ذات ليلة كنت أعمل في برج المراقبة الجوية بأحد المطارات الدولية، حينها كنت حديثُ عهدٍ برخصتي والتي منحتني الإجازة للعمل في جميع المواقع الخاصة بالبرج دون أن يقف مدربي على رأسي وقتها مازالت في بداياتي العملية،

عشقي لهذه المهنة يجعلني أحرص على الحضور مبكراً لأظفر أولاً بإستلام الموقع قبل زميلي في بداية النوبة نتسابق ليس من فراغ بل عشقاً لهذا العمل وأسألوا زملائي عن ذلك..

الصيف وما أدراك ما الحركة الجوية صيفاً بهذا المطار..

استملت موقع (المراقب المحلي) وهو المسؤول عن تنظيم حركة الإقلاع والهبوط في المدارج.
 
الثلاث مدارج بالمطار تعمل بكامل طاقاتها لتيسير حركة الإقلاع والهبوط..

الطائرات تتهافت من كل حدَبٍ وصوب.. 

مجموعة من الطائرات تخبرك بإستعدادها للإقلاع.. و سرب آخر كالعِقد المرصوص بإحكام يقتربون للهبوط بالمدرجين الشرقي والأوسط..

مرت الساعة الأولى بسلام وحركة الطائرات القادمة و المغادرة تزداد كلما مر بنا الوقت، أغلب الطائرات الضخمة ذو النطاق العريض والتي تسافر لأقاصي الأرض تغادر في وقت متأخر ليلاً بسبب ثقل حجمها و قلة كثافة الهواء صيفاً نظراً لإرتفاع درجات الحرارة والرطوبة في الجو..

اتصل بي على الخط الساخن مراقب الإقتراب الآلي الراداري -المسؤول عن تنظيم الطائرات المغادرة والقادمة للمطار في الأجواء - ليخبرني بقدوم طائرة للمطار ابلغه قائدها بوجود مؤشر يشير لعدم نزول إطارات وعجلات الهبوط، وبأنه يعلن حالة الطوارئ..

عندها تلقيت منه كافة المعلومات المطلوبة عن الطائرة وعدد ركابها، بعدها اخبرت مشرفي بالحالة، والذي بدوره قام بإبلاغ كلاً من وحدة الإطفاء والإنقاذ، و عمليات المطار لأخذ الإستعدادات الازمة داخل المطار، بعد أن قمنا بإعلان حالة الطوارئ من الدرجة الثانية - والتي تعني ان الطائرة قد تتعرض لخطر ويجب الإستعداد بالقرب منها.

ماهيَ إلا ثواني معدودة وإذ بممرات المطار تعج بسيارات الإطفاء و العمليات و كافة القطاعات المعنية داخل المطار..

تم تخصيص أحد المدارج لهذه الطائرة ليتم توحيد و  تركيز جهود المعنيين بحالتها في مدرج معيّن ليكون الجميع على أهبّة الإستعداد..

تأخرت الطائرة قليلاً لتفريغ بعض الوقود، لتتمكن من تخفيف وزنها بعض الشئ، مرت عدة دقائق وإذا بقائد الطائرة المعنية يتصل بي على موجة الراديو.. 

مازالت اتذكر ذلك الصوت والذي بدأت عليه نبرة القلق والإرتباك..

قائد الطائرة: برج المراقب المحلي.. السلام عليكم نحن الرحلة رقم كذا وكذا.. نطلب عمل إقتراب منخفض ليتسنى لكم ولموظفي الإطفاء والعمليات بملاحظة ما إذا كانت العجلات منخفضة للأسفل و ماخذة وضعها الطبيعي للهبوط أم لا.
  
برج المراقبة: وعليكم السلام الرحلة رقم كذا وكذا استمر بالإقتراب تم توفير وتجهيز كافة الإجراءات لحالتك، استمر بالإقتراب، ومصرح لك عملية الإقتراب المنخفض، اتجاه الرياح شمالي غربي و سرعتها هادئة.. بعد الإقتراب المنخفض إرتفع لـ٢٥٠٠ قدم  واتصل بمراقب الإقتراب الراداري من جديد للعودة مرة أخرى.

اقتربت الطائرة منخفضةً المرة الأولى و قام الزملاء بالميدان بتأكيد نزول الإطارات للأسفل، اخبرت قائد الطائرة حينها، فطلب مني عمل إقتراب آخر منخفض للتأكيد و مازالت النبرة الأولى لم تتغير.. بعدما صعد و أرتفع من جديد عاد مرة أخرى ليلتحق بنظام الهبوط الآلي على مسافة ١٠ أميال لعمل إقتراب منخفض آخر ليطمئن قلبه.. 

صرّحت له مرة أخرى بنفس التصريح السابق للإقتراب المنخفض وبعد أن حلّق فوق المدرج منخفضاً، أكّد جميع المتواجدين بالميدان بنزول عجلات الطائرة وأخذها للوضع السليم.. عندها طمئنت قائد الطائرة، و حوّلته للوهلة الثالثة لمراقب الإقتراب، لتوجيه الطائرة مرة أخرى لنقطة الإقتراب النهائي لمدرج الهبوط.. 

مرحلة القدوم الآخيرة.. لم تكن الطائرة هيَ الوحيدة.. مازالت الطائرات الأخرى كالنحل في المدراج الأخرى مستمرة بالإقلاع والهبوط ولكن عند قدوم الطائرة المعنية في اللحظات الاخيرة ساد الصمت أرجاء البرج و عم الهدوء على موجة الراديو، الكل يحدّقون بأعينهم نحو الطائرة في مراحلها النهائية.. سيارات الإطفاء.. العمليات.. أنوار السيارات تحيط بالمدرج فالكل واقفٌ يترقّب..

حانت اللحظة التي كنت اشعر حينها بأن الزمن قد توقف لم اعد اسمع أي شئ يذكر حولي. العرق بدى على جبيني.. ترقّب شديد لعملية تقبيل عجلات الطائرة لأرضية المدرج..  توقف الدم في عروقي.. حطت الطائرة عجلاتها الخلفية وبعدها ارتفعت قليلاً وارتفعت معها نبضات قلبي، لتعود بعدها وتحط كامل رحالاها على أرضية المدرج بعجلاتها الخلفية والأمامية.

هنا هبطت الطائرة بسلام و لله الحمد وانطلقت بعض سيارات الإطفاء على جنبات المدرج خلف الطائرة.. 
واقعة أولى أضافت لرصيدي من الخبرات ما يجعلني أتعوّد شيئاً فشيئاً على طبيعة عمل مهنتي و التي يصعب التنبئ لأسرارها. 

مهنة المراقبة الجوية وإدارة الأجواء والحركة الجوية لا كبير فيها. قد تباغت الأحداث فيها الصغير قبل الكبير.
 
يقال في عالم الطيران بأنه من السهل ان تقلع من الأرض ولكن المحك الحقيقي يكمن في ان تعود لها بسلام.  

ومع ذلك فمثل هذه الأحداث بالرغم من وجودها إلا أنها تكون رحلة من ملايين الرحلات التي تهبط على مدار الساعة بسلام دون أي عقبات تذكر.

لن يخبروك في الاخبار بملايين الطائرات التي هبطت بأمان.

ألقاكم مع صفحات من مذكراتي

قصة واقعية من 
#مذكرات_مراقب_جوي  


رواية عبدالله بن سلمان
@Binsalman