الاثنين، فبراير 11، 2013

ما لا يعلمه الكثيرون عن حقيقتي..!

معذرةً إذا لم أستطع أن أحضر مناسباتكم، أو الجلوس معكم، أو الرد على مكالماتكم وتغريداتكم. فوقتي مشغول بالكامل.

ليس لدي وقت لحضور المؤتمرات العلمية والدورات التدريبية والمعارض التثقيفية فأنا أشبه بالآلة التي كُتب عليها الشقاء لتعمل دون رحمة.. محظور على جسمي النوم المنتظم، و محرّمة عليّا الراحة الكافية، لا أتخلّى عن سمّاعتي التي أجدها أشبه بسلاحي، ولا أغض الطرف عن الأخطاء التي اجدها في عملي، ولا أحمّل جسدي وصحتي فوق طاقتي، لا أقبل التمييز والمحاباة، ولا أسمح بالواسطة في شؤون عملي، ولا أغض الطرف عن تطبيق القانون.

بدوني تضيع الأجواء تماماً، وتصبح ارواحكم سامية داخل قنابل موقوتة تنتظر تلك اللحظة التي تجعل منكم ألعاباً نارية وشظايا تتزين بها السماء كلما سافرتم بأجسادكم داخل تلك الأجسام المحلّقة. أظنكم عرفتم الآن من أنا؟ أنا المستأمن على أرواحكم، فوق الأبراج وداخل تلك الغرف المظلمة المليئة بشاشات الرادارات المعتمة. أنا الفدائي الذى يضحي بحياته لأجلكم، أنا خلية الدم البيضاء داخل منظمات الدول و الطيران.

تنامون وأسهر، تلهون وأجدّ، تجلسون وأسعى. لا أتقاضى أجراً يسد إحتياجاتي. ولا أتلقى شكراً يعزز مكانتي، ومع ذلك ثابتٌ أمضي بقلبٍ حي. أضحّي بحياتى ذاتها، وأرجو من الله أن يقبلني.

في عالمي المليئ بالمخاطر ومع بداية كل نوبة نتسابق للهجوم على المقسوم من حبل المشنقة، فكلٌ منّا يحرص أن يموت قبل صاحبه في حلبة الممرات الجوية والمدارج الأرضية. نعمل المستحيل من اجل تسيير عجلة حركة الأجواء. فنصبح كالقنابل العنقودية، التي تحوي تلك الحبيبات الكاوية، فتحرقنا. تحيى المنظمة وأموت أنا، فتدمع عيناي ويبلى بصري من شدة انتباهي و يضعف سمعي من قوة تركيزي وإفراطي في حُب عملي.

ليس لي مكان إلا وسط المخاطر، الغفوة في عملي قد تكلفني سياحة أبدية داخل سجون لاهاي، وأصبح عَلماً أُدرّس لمن خلفي عبر وثائقيات ناشونال جيوقرافك، فالمخاطر وما أجده في مهنتي يجعلني أحلم بغدٍ أفضل، فلولا المخاطر لم نتعلّم الصبر، و لولم نتعلّم الصبر لما استمرينا على ما نحن عليه. الصبر أفضل محفّز على إستمراري.


في النهاية، وبينما أرقد على جانبي وأنا أعاني ما أعانيه جرّاء تلك السنين العجاف التي قضيتها في داخل أروقة عملي. ألفظ أنفاسي الأخيرة، و أرفع أكُفّي و دعواتي الأخيرة لخالقي، وأقول له: سيّرتني لأحافظ على عجلة الكون في خلقك فأمتثلت، وطلبتني أن أرضى بما قسمت لي من رزق فرضيت، وضحيت بحياتي كما أمرت، رجوتك يا إلهي وخالقي أن تكون راضيا عنّي و تتقبلني فيمن عندك، فأنت ربي و رب المستضعفين أمثالي.

هل عرفتم من أكون..!؟
أنا المدعو بـ "مراقب جوي"